هل فقد المغاربة الثقة في المؤسسات العمومية ؟  

news1.743662

 

نقلت إحدى القنوات الفضائية (maghreb TV) رسالة طويلة، وجهتها مواطنة مغربية تقطن بالمملكة العربية السعودية، لملك المغرب محمد السادس تحكي له فيها عن المعاناة التي تعيشها هناك وعن الحالة المزرية التي تمر بهان بعد أن أقدم زوجها السعودي على تعنيفها وحرمانها من ابنتها، وتحريض عائلته ضدها.

جاءت هذه الرسالة بعد أن طرقت كل الأبواب الممكنة، من قنصلية وسفارة ومجلس للجالية المغربية، ووزارة الخارجية نفسها، فقد قامت هاته السيدة بمراسلتهم جميعا، ووضعتهم في المشاكل التي تتخبط فيها، إلا أنها لم تتلق أي رد وكأنها ليست مواطنة مغربية.

بعد أن تعبت من الانتظار قررت توجيه آلامها، وشكواها لأعلى مسؤول في البلاد -الملك- والذي فور توصله بالرسالة، باشر اتصالاته وأعطى أوامره لمختلف المصالح المختصة، التي تحركت فورا مخافة غضبة ملكية قد تعصف بوظائفهم. والعجيب في الأمر أن السفارة التي توصلت بالشكوى أولا لم تحرك ساكنا، وسعادة السفير لم يكلف نفسه عناء التنقل للإطلاع عن كتب بأحوال المواطنة المغربية.

هذه الواقعة تُجسد مدى فتور العلاقة بين المواطن المغربي والمؤسسات العمومية التي من المفترض أن تقوم بخدمته وتلبية حاجياته اليومية، وأصبحنا اليوم بالمغرب نشاهد بشكل روتيني عشرات الرسائل والتظلمات الموجهة إلى الملك للتدخل لإنصافهم. وهنا تكمن خطورة الظاهرة. 

“البكارة” : عنوان الشرف والعفة في المغرب

أصداء
يعرف المجتمع المغربي من حيث الظاهر على الأقل نوعا من التطور والحداثة إلا أن العمق المجتمعي المغربي لازال يعيش في زمن الهيمنة الذكورية والنزعة الرجولية، ولعل أبرز مظاهر هذا “التناقض” هو عفة المرأة وشرفها الملخص في غشاء البكارة، وكل فتاة ضاعت بكارتها –أيا كان السبب– تدخل في خانة المنبوذة اجتماعيا ولا مكان لها داخل الوسط الاجتماعي سواء عند أسرتها الأصلية، أو عند أهل الزوج المستقبلي.
لا يكاد يمر يوم في المغرب حتى نسمع بفتاة انتحرت بفعل الضغوط النفسية الممارسة عليها اوالنظرة السلبية من المجتمع. وكم من فتاة تعرضت لمختلف أنواع العنف ليلة دخلتها وذهبت ضحية لجهل مركب لا دخل لها فيه.
ليلة الدخلة تنتصب النساء واقفات جوار غرفة الزوجين، ينتظرن بفارغ الصبر نتائج امتحان “حُسن سلوك” العروس، وهل حافظت نجحت في الحفاظ على “شرفها” طيلة أيام عزوبيتها.  من حين لآخر تطرق أم العريس باب الغرفة مطالبة إياه بالإسراع وإمدادها بـ”سروال” زوجته غير مبالية بالحالة النفسية والفيزيولوجية للعروس.
ماهي إلا لحظات حتى فتح الشاب باب الغرفة ومد إلى والدته سروالا ملطخا بالدم، أخذته الأم ووتفحصته جيدا وبدورها أعطته لأم العروس للتأكد منه هي الأخرى .. وأخيرا ..انطلق الزغاريد معلنة عن أن الفتاة عذراء وبأن العروس نجحت في الامتحان الأهم في حياتها. هذه باختصار وجيز جزء من سيناريو ليلة الدخلة بالمجتمع المغربي في الحالات العادية. إلا أنه أحيانا يحدث مشاكل يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة ومؤلمة.
نشرت إحدى الجرائد الوطنية ذات مرة واقعة من إحدى البوادي المغربية، حيث حضر المدعوون لأحد الأعراس، وبعد انهاء الطقوس المصاحبة للعرس، بقي الجميع ينتظر إعلان الزوج عن عذرية زوجته .. وماهي إلا دقائق حتى خرج إلى الحاضرين ونادى فيهم بأعلى صوته بأنه وجد زوجته “امرأة” (أي أنها لم تحافظ على شرفها).
نزل الخبر على الحاضرين كالصاعقة وبدأت العائلتين في تبادل التهم والسباب بينهما وتطورت الأحدث إلى أن صارت تراشقا بالحجارة وعراكا بالأيادي ثم الأسلحة البيضاء .. وسقط على إثر هذه الأحداث حوالي 12 شخصا نُقلو إلى المستشفى.
خلاصة الأمر أن المجتمع المغربي رغم ما يروج له الإعلام الرسمي من مظاهر للحداثة والانفتاح إلا أنه لايزال يتخبط في عمقه في عادات وتقاليد شاخ عليها الزمن وتكرس لثقافة ذكورية محضة تعتبر المرأة مجرد آلة لممارسة الجنس والاعتناء بالبيت وتربية الأبناء. وتضرب في العمق ما جاءت به النصوص التشريعية الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية بخصوص تأهيل النساء وجعلهم في مرتبة مساوية للرجل.

قراءة في النظام التعليمي العربي .. بين واقع الحال والتنمية المنشودة (الجزء الأول)

 

 

مشاكل التعليم العربي

صورة مأخوذة من ويكيبيديا الموسوعة الحرة – مسموح إعادة الإستعمال

تُعتبر جامعة القرويين أول جامعة في تاريخ البشرية وأقدمها على وجه الأرض، شيدتها السيدة فاطمة الفهرية بمدينة فاس العاصمة العلمية للمغرب، وحسب موسوعة “جنيس للأرقام القياسية” تُعد هذه جامعة القرويين أقدم جاعمة تعليمية تُدرس إلى اليوم. وفي هذا إشارة إلى أن المغرب والعالم العربي كان منارة للعلم، ومعقلا للعلوم بمختلف أصنافها وشُعبها.
والمتأمل لحال المجتمع العربي الأكاديمي اليوم سيجد المعاناة القاتلة التي تئن من وطأتها الشعوب، وسيرى غياب سياسة واضحة للتعليم، وسيلاحظ مدى خطورة الحالة “الصحية” للجسم التربوي والأكاديمي العربي.
يُعتبر التعليم في الدول السائرة في الإزدهار حجر الزاوية في بناء مُخططاتهم الاستراتيجية والتنموية، كما يُعد من أهم المجالات التي تُخصص له ميزانية مهمة من إيرادات الدولة العمومية، كما أن التلميذ أو الطالب بهاته البلدان يحضى بأهمية فائقة وبدرجة عالية من الاحترام والتقدير وتُوفر له كل الإمكانيات والوسائل لتكوينه وإعداده للمستقبل.
فعلى سبيل المثال ترصد الدول المتقدمة للتعليم ما نسبته 5 في المائئة من إجمال ناتجها الداخلي الخام، بينما نجد الدول العربية بالكاد تُنفق على على المجال العلمي 2,5 في المائة (حسب دراسة للبنك الدولي)، ونجد ان إسرائيل تُصرف 8 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي وهو مايفسر هيمنتها الإقتصادية والعسكرية والسياسية بالعالم، كما أن الولايات المتحدة هي الأخرى تتنفق على تعليم أبنائها 7 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي (وما أدراك ما ناتج الولايات المتحدة).
وبالعودة إلى العالم العربي، نلاحظ أن ميزانية السلاح ما زالت تستنزف ميزانية الدول، ولا يزال السلاح الهاجس الأول لها، بينما يبقى التعليم آخر ما يتم التخطيط له، وأشار تقرير إلى أن المنطقة العربية اشترت مامجموعه 100 مليار دولار من العتاد العسكري، بينما التعليم لم يُمنح حتى نصف الميزانية المذكورة. وبينت دراسة أردنية أن المملكة أنفقت على الأمن ما لم تنفقه على قطاعات العمل، التعليم والصحة مجتمعة.
يُجمع الخبراء على أن التعليم والتنمية تجمعهما علاقة ترابطبة وجودية ، حيث أن الإنفاق الجيد على التعليم يمكن من تخريج كوادر في المستوى وذات جودة عالية، والتي بدورها ستَعمل على تحسين الجودة والانتاجية وبالتالي تحقيق التنمية التي تنشدها مجتمعاتنا.
في التدوينة اللاحقة (الجزء الثاني) سأحدثكم عن التعليم بالمغرب، والطريق غير المسلوك الذي يمر منه.

بعيدا عن بروباغاندا الحكام العرب.. غزة أكبر منكم جميعا

 Ghaza
بدأت الحرب على قطاع غزة بذريعة اختفاء تلاث مستوطنين إسرائيليين، وقامت اسرائيل مباشرة بعد الحادث باتهام المقاومة الفلسطينية حماس وألبستها تهمة الاختطاف. بعدها بأيام بدأت الحرب من جهة المحتل الصهيوني وقامت حماس بواجبها الدفاعي المشروع وعملت على الرد وبعدها تسارعت الأحداث وتطورت إلى ما وصلت إليه الآن، من قتل للأطفال الأبرياء واستهداف للمنشآت الحيوية والاستراتيجية كالمستشفيات والمدارس بدعوى استعمال رجال المقاومة لهاته المقرات كأماكن للاختباء وتخزين الأسلحة، ووصلت الوقاحة والبشاعة بالجيش الصهيوني إلى قصف المؤسسات التابعة للمنظمات الدولية، كمدارس الأناروا التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، كل هذا تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي دون أن يُحرك أحد ساكنا، والمبكي أكثر في هذه الوضعية هي المواقف العربية – إن كانت لهم أصلا مواقف- المخزية والمهينة، إذ اكتفى الرؤساء والملوك العرب بالشجب والتنديد في حين نجد الحليف الاستراتيجي لاسرائيل المتمثل في الولايات المتحدة يضع مخزونها الاسترتيجي من الأسلحة باسرائيل تحت إشارتهم، وإن لزمهم عتاد عسكري فالولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لتصدير ما يكفيها من الأسلحة وقتما شاءت.
وبالعودة للمواقف العربية، نجدهم يتسارعون فيما بينهم، من يعطي مساهمات ومساعدات أكثر من الآخر، وتراهم يتفاخرون على بعضهم من السباق إلى إرسال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المنكوبين، وكأن عقولهم لم تستوعب بعد أن غزة في حاجة إلى سلاح، في حاجة إلى عتاد عسكري، في حاجة إلى كسر الحصار ولو العربي على الأقل.
يوما بعد يوم، يؤكد الفلسطينيون الأحرار للعالم بأنهم الشعب العربي الوحيد المتحرر عقليا وعمليا، وأنا أتساءل دوما، كيف سيكون حال الفلسطينيين لو عاشوا في بلاد الحرية ؟ كما يتبادر إلى ذهني : من أين لهم هذه القوة للدخول في حرب غير متكافئة الأطراف لا عسكريا ولا ماديا ولا حتى معنويا ؟ كيف تواجه “مدينة” صغيرة (المسافة) مُحتلا صهيونيا تقف بجانبه كل دول العالم ؟
ويأتي اليوم زعيم عربي راكم أموال البلد، وقوت الفقراء من المواطنين وذهب بها إلى البنوك السويسرية، ويتغنى بتقديمه لمساعدات إنسانية من أدوية منتهة الصلاحية، وأغذية فاسدة لا تأكلها حتى الحيوانات، وملابس ممزقة…

أحدٌ أحدٌ ..

الملحمة - أصداء
صورة للأمير “مولاي اسماعيل” يتوسط فناني “الملحمة”
تقوم الأنظمة الملكية في العالم على نظام الوراثة في انتقال الحكم من ملك لابنه (ولي العهد) أو أخيه (الأمير). نفس النهج ينطبق على النظام الملكي بالمغرب، الذي يعتبر من أعتق الملكيات بالعالم العربي، حيث ينص الدستور المغربي على أن السلطة تنتقل مباشرة من الملك لابنه ولي العهد مباشرة بعد وفاته، حيث تتم مبايعته وتقديم الولاء له، ويدخل الفصل الشامل على مسطرة الانتقال الدستوري للسطة في إطار النصوص التي يشملها الحظر الموضوعي  للمراجعة والتعديل، إذ لايمكن تعديل أو تغيير مقتضيات هذا الفصل بأي تعديل دستوري.
بعد وفاة الملك الأسبق، تربع الملك الحالي محمد السادس على عرش المملكة وذلك في 29 يوليوز من سنة 1999، ويُعتبر هذا اليوم عيدا وطنيا، ويسمى بـ”عيد العرش”، ويتميز هذا اليوم بتزيين مختلف المدن والمدارات بالأعلام الوطنية وصور الملك، وبيافظات تحمل شعارات تتغنى بمنجزات الملك على مدار سنوات حكمه.
ما يميز عيد عرش هذه السنة، (مرور 15 سنة على اعتلاء محمد السادس للعرش) هو مبادرة بعض الفنانين المغاربة في إهداء الملك ومعه الشعب ملحمة غنائية على حد تعبيرهم تحمل عنوان، المغرب المشرق، شارك بها 15 فنانا، واستمر العمل عليها 15 يوما، ووصل طول القطعة الغنائية 15 دقيقة.
أغنية لاقت ترحيبا كبيرا من القصر الملكي، حيث لاقت دعما من أحد الأمراء، كيف لا وقد تغنت بالملك، واعتبرته الوحيد الذي دفع بالبلد ليصل إلى ما هو عليه اليوم، وأن الباقي إن كان لهم دور، فهو دور ثانوي تنفيذي للأوامر “الشريفة”.
“ملحمة” ستُدر على من أنجزها مكافآت، وهبات “ملكية” سمينة ..
“ملحمة” ستُنهي من ألم الضعفاء .. ومن هموم الفقراء .. ومن مآسي المستضعفين .. فهنيئا لنا بملحمة العصر الجديد ..

حلم الربيع المغربي الذي تحول إلى كابوس

وصلت موجة الغضب الشعبي إلى “المملكة المغربية السعيدة” أواخر شهر فبراير سنة 2011 وأٌطلق عليها حركة 20 فبراير لم تلبث كثيرا إلى أن احتوتها الدولة بطريقة ذكية، واستطاعت امتصاص غضب الشارع من خلال “إصلاحات” دستورية وانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وهكذا تمكن النظــام من أن يضمن لنفسه الاستمرارية ولو مؤقتا، وخلق “الإستثناء” مقارنة مع دول الجوار.
تجاوبت المؤسسة الملكية بالإيجاب مع حركة 20 فبراير الاحتجاجية ومطالبها فحققت منها ما تراه مناسبا وأخرجت إلى الوجود دستور 2011 الذي أسس لمبادئ جديدة  اعتبرت نوعية مقارنة بعهد الملك السابق الحسن الثاني لكنها في نفس الوقت لا ترقى إلى شروط المجتمع الديمقراطي الحديث.
هكذا استطاع المغرب أن يخرج من دائرة الصراع والتطاحن الحاصل في عديد الدول العربية والمغاربية ودفع ثمن فاتورة الاستقرار ببعض التنازلات التي وللأسف لم تتجاوب معها الطبقة السياسية العتيقة العقيمة المتعمقة والمتجذرة بالمؤسسات السياسية، فبدل أن تبذل أن تنتهج ثقافة الدفع قدما بالمؤسسات نحو الديمقراطية والحداثة نجدها تجرها للوراء إلى عهد الثيوقراطية والديكتاتورية.
أصداء
استبشر الشعب المغربي خيرا بالحراك المغربي وتفاءلوا بتجديد الثقة في المؤسسات والنخب السياسية وانتظروا أن تأتي رياح التغيير بكوادر سياسية وبــ”رجال” دولة في مستوى الحدث والمهمة. وسرعان ماتبدد الحلم وأصبح كابوسا، وجاء القدر برئيس حكومة نصف ولايته مرت في الكلام والنصف الآخر في القضاء على آمال الضعفاء والفقراء اللذين منحوه أصواتهم التي ضمن بها تربعه على كرسي رئاسة الحكومة بأغلبية لم يكن يحلم بها.
بعد وصوله لمبتغاه أول مكافأة منحها للشعب المسكين هي الزيادة في أثمان المحروقات ومعها ارتفع ثمن كل المواد والبضع المتعلقة بالنقل واللوجستيك، وتوالت الأيام وتوالت معها الزيادات واحدة تلو الأخرى، تنزل على المواطن الفقير كالصواعق، إلى أن أصبح سماع خبر الزيادة لديه شيئا عاديا ومنتظرا.
في الجهة المقابلة، نجد البرلمان بغرفتيه خاليا من السادة النواب والمستشارين، وإذا قدر الله و حضر أحدهم يأتي فقط لينام لأن كراسي البرلمان مريحة كما أن مرتباتهم خيالية وامتيازاتهم لا يعلم بها إلا الله وحده. برلمانيون (ما عدا فئة قليلة جدا) أغبياء إلى حد فضيع، أذكاهم يكاد يتهجى بصعوبة بالغة فقرة مكتوبة باللغة العربية.
فبدل أن يتجه السيد رئيس الحكومة إلى تقليص وخفض مرتبات هؤلاء البرلمانيين –اللذين لا نفع من ورائهم– نجده يلجأ إلى جيوب المواطنين الضعفاء الفارغة أصلا والمنهكة بكثرة الديون والغلاء المستمر للمعيشة.
ومن حسن حظ رئيس الحكومة وغيره من النخب السياسية العقيمة أن المغاربة لهم صبر لا ينقضي .. إلا أني أرى أن ابن كيران أوشك أن يفتح على نفسه وعلى البلد فرنا من لهيب.. ولن يجد من يطفؤه .. فحذاري من لهيب المغاربة.

حذاري .. فعواصف الخريف “العربي” لم تسكن بعد !!


Untitled-1
 لم يكن يدور بخلد الدولة التونسية أن اعتداءا “عادي وروتينيي” على مواطن بسيط مقهور سيؤدي إلى سحب بساط الحكم والجبروت من تحت رجلي بن علي .. ولم يكن حسني مبارك يعتقد أن الانتفاضة الشعبية ستجعله يترك كرسي الرئاسة ويخرج من قصر الاتحادية في “بوكس” الشرطة عوض “الميرسديس” الفخمة .. ولم يكن القذافي ملك ملوك إفريقيا يتخيل يوما ولا في نومه أن يموت على أيدي الثوار موتة البهائم وأن يبقى قبره مجهولا.
خرجت الشعوب وأصواتهم مبحوحة لا تطالب إلا بحقوقهم المشروعة، التي تُحسب من ألف بائيات الحياة. شعوب كاملة الواجبات وناقصة الحقوق. مَلت من تحميلها ما لا تُطيق من الذل والعبودية والإقصاء الاجتماعي. شعوب ليست سوى أرقام لا يستحضرها المسؤولين إلا وقت الحروب.
فلتحذروا إذن.. إذا أردتم الحفاظ على كراسيكم المريحة ومرتباتكم الخيالية فنسمات الربيع انجلت واختفت .. وحلت مكانها رياح الخريف الهوجاء.. تحصد الأخضر واليابس دون استثناء.
مرت حوالي الأربع سنوات عن أول خروج شعبي، وتوالت بعدها الانتفاضات كلٌ وبلده.. فهذا نظام استطاع أن ينجو بنفسه ويقدم تنازلات محدودة، وذاك آخر لم تزده الأحداث إلا تشبتا بالكرسي الرئاسي وأبى إلا أن يُدخل بلده في حرب طاحنة تأتي على المدني والعسكري على حد سواء.
ومن قال بأن الموجة هدأت والبحر عاد إلى سكونه فهو على خطأ، وما دام البلد يتخبط في مشاكل لا حصر لها.. فالمد الجارف آت لا محالة.
في التدوينة المقبلة سنتحدث عن الشارع المغربي و”الربيع” الذي حُكمَ عليه باالذبول قبل الأوان.