صدى الشارع
للشارع أصداء ..
الدولة المغربية تتنكر لالتزاماتها القانونية
استطاع رئيس الحكومة المغربية، عبد الإلاه بنكيران أخيرا من التخلص من ضجيج ما بات يُعرف بالمغرب معطي محضر 20 يوليوز. من خلال استئنافه للحكم الابتدائي الذي حكم لصالح مطالب موقعي المحضر والحكم من جديد ببطلان المحضر وبالتالي لاقانونية المطلب القاضي بالتوظيف المباشر دون إجراء أي امتحان أو مباراة.
وتعود خلفية الواقعة، إلى سنة 2011 أثناء الحراك المغربي، حيث عمدت مجموعة من المعطلين من حملة الشواهد الجامعية إلى محاصرة الوزير الأول آنذاك عباس الفاسي، والاعتصام أمام مقر الحكومة، مما دفع بالوزير الأول إلى البجث عن طريقة لامتصاص غضب هؤلاء المعطلين، واهتدى إلى إعطائهم وعد بتوظيفهم وإدماجهم بسلك الوظيفة العمومية وقام بوضع محضر يؤكد وعوده، ووقع عليه الطرفان، الوزير الأول والمعطلين يوم 20 يوليوز 2011.
بعدها بشهور، تم حل الحكومة بكل أعضائها، وحل مجلسي البرلمان وإقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات جديدة، أفرزت حكومة حديثة. إلا أنه بعد مرور أشهر تفاجأ موقعوا المحضر برفض رئيس الحكومة الحالي تنفيذ ما جاء بالمحضر، بذريعة أنه غير قانوني، وأن مطالبهم منافية لروح الدستور الذي يَنص على المساواة وتكافؤ الفرص وبأنه لا أحد فوق القانون، وأمرهم بالرجوع إلى المحكمة الإدارية ورفع دعوى قضائية، وفي حال حكمت بقانونية المحضر، سيتم تنفيذه وبالتالي تمكينهم من الإدماج في سلك الوظيفة العمومية دون أية إجراءات أو شروط.
نزل المعنيون بالمحضر لدى رغبة رئيس الحكومة ، ولجئوا إلى القضاء لعله ينصفهم، وقاموا برفع دعوى ضد رئاسة الحكومة، وشاءت الأقدار أن اعترفت فيه بقانونية محضر 20 يوليو، ودعت الدولة في شخص رئيس الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات لتسوية الوضعية الإدارية والمالية للطرف المدعي (المعطلين)، وفقا للمرسوم الوزاري تنفيذا لمحضر 20 يوليو 2011 مع تحميلها المصاريف.
ارتاح بال المعطلين، كيف لا وبعد طول مسير وأخذ ورد بينهم وبين الدولة، أنصفهم القضاء الإداري. وذهبوا رأسا إلى رئاسة الحكومة وفي يدهم الحكم المنصف، وأعطوه لرئيس الحكومة، الذي فاجأهم من جديد، بأنه سيستأنف الحكم الابتدائي وسيرفع دعوى لدى محكمة الاستئناف “لإنصافه” وتشبث برأيه القائل بعدم قانونية المحضر.
رُفعت الدعوى من جديد، وأُعيد فتح الملف ثانية، وأخذ وقتا طويلا في رفوف محكمة الاستئناف الإدارية، والتي بعد مخاض كبير وعسير حكمت بحر هذا الشهر بما أراد رئيس الحكومة، وبما يشفي غليله، وأقرت ببطلان الحكم الابتدائي وبالتالي تلاشى حلم التوظيف المباشر للمعطلين من حملة الشواهد. وبقيت مرحلة واحدة أمامهم لعل وعسى تحقق مقولة المغاربة “الثالثة ثابتة”.
هكذا استطاع بنكيران أن ينجو بنفسه ويخرج مؤسساته من دائرة المحضر الذي سبق واعتبرته المحكمة الإدارية الابتدائية محضرا قانونيا واعتبرت بأنه “يعد وثيقة إدارية رسمية ولدت التزاما حكوميا بتنفيذ المرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الذي يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر بدل إجراء المباراة”.
وبعد أربع سنوات من الكر والفر بين المعطلين ورئيس الحكومة داخل ردهات المحاكم من جهة، والمعطلين ورجال الأمن في شوارع العاصمة الرباط تمكن بنكيران من الإفلات “قانونيا” من التزام فرضته عليه حكومة سابقة ورفض أن ينفذه.
“داعشٌّ في العراق .. و”داعشٌّ في البلد”
ظهر “فيروس” جديد بالشرق الأوسط المريض أصلا، لم يُعرفْ له دواء حتى الآن، فيروس نمى وترعرع في الدماء السورية قبل أن ينتقل ويزحف ليُعدي أجزاء كبيرة في العراق.
أنه فيروس “داعش” (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، دولة تزعم انتهاجها لمبدأ الخلافة الإسلامية، ولم تنتظر كثيرا حتى بايع “مواطنوها” أميرا لهم، اعتبروه أميرا لهم وللمسلمين أينما وجدوا، وسرعان ما وضعت الدولة تكتيكا عسكريا لنفي الدول الحالية وإزالتها من الخريطة، والرجوع لحدود الدولة الإسلامية في عهد الإمبراطورية العثمانية في أوجها.
الغريب في أمر داعش أنها تعتمد أسلحة متطورة وتجهيزات حديثة من قبيل سيارات رباعية الدفع من طراز حديث ومتطور، كما أن ملامح “مجاهديها” لا تظهر عليها أبدا مظاهر البدائية. والأغرب أنهم يعيثون في بني جلدتهم وديانتهم قتلا وتنكيلا .. أما الغرباء عنهم من ناحية المعتقد فخيروهم بين اعتناق الاسلام أو دفع الجزية أو الخروج والرحيل مع ترك كل مايملكون خلف ظهورهم أو القتل.
واشتد عود التنظيم وتقوى بفضل سفاهة وطيش وجهل “المجاهدين” العرب ذوو الجنسيات المختلفة، فالمغاربة المقاتلين في صفوف داعش وصل تعدادهم حسب مصادر خارجية لثمانية آلاف مجاهد مغربي، وهبوا أرواحهم للموت على قضية لاتهمهم ولاتنفعهم لا من قريب ولا من بعيد.
هذا باختصار ما يجري بمهد العلم والحضارة والتاريخ .. بلاد الرافدين .. بلاد الشام العتيد. فكما أن لهم “داعشهم” فإن لنا “داعشنا” الخاصة بنا من طينة أخرى وذات سياسة ثانية .. إلا أنهما يخلصان إلى نتيجة واحدة وهي بث الرعب واللاطمأنينة في نفوس المواطنين المستضعفين.
ومن بين أكبر “دواعشنا” رئيس حكومتنا المعظم، الذي لايعرف في قاموسه إلا ثقافة الزيادة، يزيد من ثمن وسعر كل شيء حتى التوقيت القانوني للمملكة السعيدة لم يسلم من زياداته. وإن وجد حيلة ليفرض علينا إتاوة مقابل الهواء الذي نستنشقه لما تردد ولو جزءا من الثانية في إقرارها.
زاد من تشبثه بمقولته الشهيرة : عفا الله عما سلف .. فاستسلم أمام جبروت الفساد والمفسدين.. ورجع للمواطن الفقير يُحاربه.
زاد من تهريجه فمرغ بهيبته وهيبة المسؤولية الحكومية التراب.
زاد من أثمان المحروقات .. فزعزع كيان المواطن البسيط وحمله ما لايطيق من زيادة في أثمان كل ما تَعلق بالنقل واللوجستيك، من سلع ومواد ونقل عمومي…
زاد من ثمن الماء والكهرباء .. فأحدث اضطرابا في جيوب المستضعفين.
فهل من “داعش” أكبر من هذا ؟؟