“البكارة” : عنوان الشرف والعفة في المغرب

أصداء
يعرف المجتمع المغربي من حيث الظاهر على الأقل نوعا من التطور والحداثة إلا أن العمق المجتمعي المغربي لازال يعيش في زمن الهيمنة الذكورية والنزعة الرجولية، ولعل أبرز مظاهر هذا “التناقض” هو عفة المرأة وشرفها الملخص في غشاء البكارة، وكل فتاة ضاعت بكارتها –أيا كان السبب– تدخل في خانة المنبوذة اجتماعيا ولا مكان لها داخل الوسط الاجتماعي سواء عند أسرتها الأصلية، أو عند أهل الزوج المستقبلي.
لا يكاد يمر يوم في المغرب حتى نسمع بفتاة انتحرت بفعل الضغوط النفسية الممارسة عليها اوالنظرة السلبية من المجتمع. وكم من فتاة تعرضت لمختلف أنواع العنف ليلة دخلتها وذهبت ضحية لجهل مركب لا دخل لها فيه.
ليلة الدخلة تنتصب النساء واقفات جوار غرفة الزوجين، ينتظرن بفارغ الصبر نتائج امتحان “حُسن سلوك” العروس، وهل حافظت نجحت في الحفاظ على “شرفها” طيلة أيام عزوبيتها.  من حين لآخر تطرق أم العريس باب الغرفة مطالبة إياه بالإسراع وإمدادها بـ”سروال” زوجته غير مبالية بالحالة النفسية والفيزيولوجية للعروس.
ماهي إلا لحظات حتى فتح الشاب باب الغرفة ومد إلى والدته سروالا ملطخا بالدم، أخذته الأم ووتفحصته جيدا وبدورها أعطته لأم العروس للتأكد منه هي الأخرى .. وأخيرا ..انطلق الزغاريد معلنة عن أن الفتاة عذراء وبأن العروس نجحت في الامتحان الأهم في حياتها. هذه باختصار وجيز جزء من سيناريو ليلة الدخلة بالمجتمع المغربي في الحالات العادية. إلا أنه أحيانا يحدث مشاكل يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة ومؤلمة.
نشرت إحدى الجرائد الوطنية ذات مرة واقعة من إحدى البوادي المغربية، حيث حضر المدعوون لأحد الأعراس، وبعد انهاء الطقوس المصاحبة للعرس، بقي الجميع ينتظر إعلان الزوج عن عذرية زوجته .. وماهي إلا دقائق حتى خرج إلى الحاضرين ونادى فيهم بأعلى صوته بأنه وجد زوجته “امرأة” (أي أنها لم تحافظ على شرفها).
نزل الخبر على الحاضرين كالصاعقة وبدأت العائلتين في تبادل التهم والسباب بينهما وتطورت الأحدث إلى أن صارت تراشقا بالحجارة وعراكا بالأيادي ثم الأسلحة البيضاء .. وسقط على إثر هذه الأحداث حوالي 12 شخصا نُقلو إلى المستشفى.
خلاصة الأمر أن المجتمع المغربي رغم ما يروج له الإعلام الرسمي من مظاهر للحداثة والانفتاح إلا أنه لايزال يتخبط في عمقه في عادات وتقاليد شاخ عليها الزمن وتكرس لثقافة ذكورية محضة تعتبر المرأة مجرد آلة لممارسة الجنس والاعتناء بالبيت وتربية الأبناء. وتضرب في العمق ما جاءت به النصوص التشريعية الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية بخصوص تأهيل النساء وجعلهم في مرتبة مساوية للرجل.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *